أخبارأبرز المواضيع

هل تتحدث الذرات معا.. وما هي مفردات حديثها وكيف رصده العلماء؟

فهم الآليات التي تستشعر بها الذرات بعضها البعض يعد مركزيا في تطوير التكنولوجيا الحالية إلى مستويات أكثر تأثيرا وعمقا.

هل تتحدث الذرات معا.. وما هي مفردات حديثها وكيف رصده العلماء؟ تمكن لأول مرة فريق بحثي مشترك من جامعات هولندية وألمانية من الاستماع لمحادثة تجريها ذرتان معا بتقنيات غاية في الدقة، الأمر الذي قد يسهم في تحقيق تعامل أفضل مع الحواسيب الكمومية؛ وهي الثورة التقنية المنتظرة منذ عقود.

وبالطبع فإن الذرات لا تتحدث مع بعضها كما يفعل البشر، لكنها تفعل شيئا شبيها، وهو أنها تستشعر بعضها وتتبادل الإشارات معا، بحيث توجه كل منها الأخرى لعمل شيء ما داخل أي منظومة تتكون من ذرات، ونتحدث هنا عن الكرسي الذي تجلس عليه، أو جسمك، أو المجرات في الفضاء الكوني الواسع.

إبرة وذرتان

وللتوصل إلى تلك النتائج -التي نشرت في دورية “ساينس” (Science) المرموقة وأعلنت عنها جامعة دلفت الهولندية المشاركة في الدراسة في بيان رسمي يوم 21 مايو/أيار الماضي- استخدم الباحثون تقنية تسمى “المجهر الأنبوبي الماسح” (scanning tunneling microscope).

وتبلغ قوة تكبير المجهر الأنبوبي الماسح حوالي 100 مليون مرة، لكن باحثو هذا الفريق استخدموه لكي يضعوا ذرتين بجانب بعضهما البعض ليروا ماذا سيحدث.

وبحسب الدراسة، فإن ذلك ممكن بفضل إبرة حادة تفحص الذرات وتضعها واحدة تلو الأخرى، ويمكنها أيضا إعادة ترتيبها.

وفي هذه التجربة، استخدم الباحثون الميكرسكوب النفقي لوضع ذرتين من التيتانيوم على مسافة تزيد قليلا عن نانومتر واحد (يساوي واحد على مليون من المليمتر)، وهي المسافة التي تسمح لكل ذرة أن تستشعر جارتها.

حديث سرّي

وبحسب الدراسة، لجأ الباحثون إلى إطلاق دفقة كهربية مناسبة لعكس اللف الخاص بإحدى الذرتين.

واللف (Spin) هو خاصية أساسية للجسيمات الذرية، وذلك يشبه أن تدور الأرض حول نفسها، وهذا هو أقرب مثال نعرفه مع فرق هام، وهو أن لف الجسيم يعد خاصية جوهرية محددة له، يشبه الأمر -لغرض التقريب- صوتك أو ضحكتك، إنه أحد خصائص تركيبك البشري، وكذلك لكل جسيم نمط لف محدد.

وبعد ضرب النبضة الكهربية، تبدأ الذرة المستهدفة بالدوران، وبالتالي تستشعر الذرة الثانية ذلك ثم تستجيب له، وفي تلك النقطة يتمكن الباحثون من التقاط هذه المحادثة الذرية.

لكن محادثات الذرات تختلف عن محادثاتنا بما هو أكثر من الصوت، والأمر لا يشبه أن تضع مغناطيسين صغيرين إلى جوار بعضهما فيتأثر كل منهما بالآخر، لأن قواعد ميكانيكا الكم في عالم الذرات تختلف عن قواعد عالمنا الكبير.

تراكب كمّي

بحسب ميكانيكا الكم، فإن الذرات يمكن أن تتواجد في حالات تسمّى “التراكب الكمّي” (superposition)، ويعني ذلك أنه يمكن للذرة أن تتواجد في عدة حالات كمومية بنفس الوقت، وبالتالي يشبه الأمر -لغرض التقريب- أن تجري مع شخص آخر مجموعة محادثات في نفس اللحظة وتفهمان بعضكما تماما.

وتفيد هذه الخصائص الكمومية بظواهر غاية في الغرابة والأهمية، مثل التوصيل الفائق، وهو قدرة الذرات على أن تفقد -بشكل مفاجئ- مقاومتها لمرور التيار الكهربي، الأمر الذي يستخدم لتطوير كل نطاقات التكنولوجيا تقريبا، من الحوسبة إلى الطاقة.
من جانب آخر، يستخدم الباحثون هذه الخصائص الكمومية في نطاقات الحوسبة الكمومية، والتي ترفع سرعات الحواسيب أضعافا مضاعفة مقارنة بالحواسيب الكلاسيكية.

ولهذه الأسباب، فإن فهم الآليات التي تستشعر بها الذرات بعضها البعض يعد مركزيا في تطوير التكنولوجيا الحالية إلى مستويات أكثر تأثيرا وعمقا.

المصدر : يوريك ألرت
الجزيرة
مغترب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.