ما هي مهارات العمل ضمن فريق؟
جميعنا نعلم أهمّية العمل الجماعي، ولا أحد ينكر حقيقة أن العمل بروح الفريق هو مفتاح النجاح في أغلب مجالات الحياة والعمل. ومن خلاله فقط نتمكّن من دمج مختلف وجهات النظر التي تكمّل بعضها البعض، ونتغلّب على العوائق ونحقّق الأهداف الصعبة.
ومع ذلك، فالعمل بروح الفريق هو تحدّ بحدّ ذاته. ويتطلّب مجهودًا كبيرًا حتى يتحقّق، يشمل التحكّم في الذات والسيطرة على “الأنا” والتواصل الفعّال، والقدرة على حلّ المشكلات والاختلافات، والأهمّ من هذا كلّه التزام كلّ فرد اتجاه الآخر وتحديد هدف مشترك. باختصار، يجب على كلّ فرد من الفريق أن يحاول تطوير نفسه ليكون أفضل ما يكون، الأمر الذي يؤدّي إلى تطوير الفريق كاملاً ومن ثمّ تطوير المجتمعات.
وحتى تصبح أيّ مجموعة من الأشخاص فريقًا ذا أداء عالٍ، لابدّ أن يمرّ أفرادها بخمس مراحل تحوّلية أساسية تعرف بـ”منحنى أداء الفريق” حسبما وضّحها كلّ من جون كاتزينباش ودوغلاس سميث في كتابهما “حكمة الفرق”.
وهذه المراحل الخمس هي:
[1] مجموعة عاملة: وهي ليست سوى مجموعة من الأشخاص الذين يقدّمون مساهمات فردية لتحقيق هدف جماعي مشترك، وهي بالتالي لا تتطلّب الكثير من التكامل أو التنسيق. قد تقدّم المجموعات العاملة أداءً جيّدًا في بعض الحالات التي لا تكون معقّدة أو تلك التي تكون فيها الأهداف واضحة ومباشرة. إلاّ أنّ أداءها يتراجع بمجرّد أن تصبح بيئة العمل أكثر تعقيدًا وتزداد صعوبة الأهداف التي ينبغي تحقيقها. لذا يتعيّن على المجموعات العاملة أن تتطوّر إلى فرق حقيقية وإلاّ فستنتهي بالفشل. [2] الفريق الزائف: عندما يقرّر أفراد المجموعة العاملة أن يصبحوا فريقًا حقيقيًا، يتراجع أداءهم العام، وقد يبدو هذا الأمر مخالفًا للمتوقّع، لكنّه أمر منطقي تمامًا. المجموعة العاملة لا تلزم أفرادها بالعمل المتناسق أو باتباع استراتيجية معيّنة. فكما سبق أن ذكرنا، يعمل أعضاؤها بشكل فردي ويتكفّل شخص آخر فيما بعد (منسّق) بجمع نتائج عمل كلّ فرد وتنسيقها معًا. لذلك، عندما يحاول أفراد مجموعة العمل أن يعملوا كفريق حقيقي سيواجهون حتمًا العديد من حالات سوء التفاهم والاحتكاكات نتيجة الاختلافات الطبيعية في شخصيّات كلّ منهم. وعلى الرغم من هذه العقبات يتعيّن على كلّ فرد من الفريق وخاصة القائد أن يكون صبورًا ويتقبّل مرور هذه المرحلة كاملة، مع عدم السماح لها بتحديد مستقبل الفريق. وهنا تظهر أهمية مهارات القيادة الحقيقية والفعّالة. [3] فريق محتمل: بمجرّد أن يصبح هنالك درجة من الألفة والزمالة بين أفراد الفريق، سيبدأوون بالاتفاق على الأهداف الأوّلية، وأساليب العمل، وبرتوكولات التواصل. ليس هذا وحسب، سيبدأوون بتحقيق اتفاقات جماعية وببناء ثقافة خاصّة بهم. الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالراحة مع بعضهم البعض، ويتوقّعون ردود فعل بعضهم البعض بل ويتنبّأوون بما يمكنهم تحقيقه معًا. وهذا بدوره يعزّز لديهم قدرات مهمّة هي: الثقة والأمل. وأمّا التكامل الناشيء بينهم ورغبة كلّ واحد منهم في التعلّم من الآخرين فستمضي بهم لتحقيق مستويات أداء عالية ما كانوا ليصلوا إليها حينما كانوا مجرّد مجموعة عمل. [4] فريق حقيقي: بعد إنشاء أهداف مشتركة، وأساليب عمل وتواصل موحدة، يطوّر أفراد الفريق ثقافة خاصّة بهم ويباشرون العمل كوحدة واحدة. أصبح الآن باستطاعتهم تخيّل مستقبل مشترك، وتحفيز بعضهم البعض، والتعلّم من بعضهم البعض. إنهم الآن قادرون على حلّ الخلافات بينهم وأداء وظائفهم بشكل يدعم نظام المؤسسة ويقوّيه. ومن خلال هذا الأداء سيتمكّنون من اقتناص فرص جديدة لم تكن ظاهرة لهم قبلاً. وهذه دلالة على الفريق الحقيقي. [5] فريق مميّز: عندما يطوّر أعضاء الفريق ثقافة مبنية على التواضع، العمل الجادّ، التميّز والتعلّم، سيصبح بوسعهم ترجمة نجاحاتهم وفشلهم إلى أدوات للتطوّر المستمرّ. ليس هذا وحسب، سيبدأ كلّ عضو في تطوير مهارات خاصّة تسهم في التقدّم بالفريق أجمع للأمام. وجميع هذه العوامل مجتمعة ستقود الفريق لتحقيق أهداف مميّزة وكبيرة ممّا يجعله يصل إلى مرحلة الفريق المتميّز.إنّ الانتقال من المرحلة الأولى (مجموعة عمل) إلى مرحلة الفريق المتميّز، أمر شاقّ يحتاج لجهد عظيم وقليلون من ينجحون في الوصول، لكنّ إدراك أهمية العمل الجماعي ومميّزات اكتساب روح الفريق قد يسهم في المثابرة للوصول إلى هذه المرحلة.
فما هي أهميّة مهارات العمل ضمن الفريق؟
روح الفريق تحفّز تحقيق الوحدة في مكان العمل: فالبيئة التي تتميّز بروح الفريق تشجّع على بناء الصداقات والولاء، وهذه العلاقات بدورها تحفّز الموظفين على العمل بانسجام و تدفعهم لبذل جهد أكثر ودعم بعضهم البعض.
روح الفريق توفّر وجهات نظر مختلفة وتغذية راجعة إيجابية: فالعمل الجماعي الجيّد يوفّر للمؤسسة التنوّع في التفكير، الإبداعية، وجهات النظر، الفرص وفي طرق حلّ المشكلات. فالبيئة الجماعية السليمة تتيح للأفراد القيام بالعصف الذهني بشكل جماعي الأمر الذي بدوره يزيد من نسب النجاح في حلّ المشكلات وفي إيجاد الحلول الأكثر فاعلية.
العمل كفريق يزيد من الإنتاجية: حيث أنّ إدخال استراتيجيات العمل الجماعي وتطوير روح الفريق في الشركة يعمل على توزيع ضغط العمل على الجميع، ممّا يحدّ من توتّر الأفراد ويقلّل الضغط عليهم بل ويضمن إنجاز المهامّ خلال الإطار الزمني المحدّد. كذلك يسمح بتحقيق المزيد من الأهداف ورفع جودة الأداء.
العمل الجماعي يقدّم فرصًا مميّزة للتعلّم: فالعمل ضمن فريق يمكّن الأشخاص من التعلّم من أخطاء بعضهم البعض، وتجنّب ارتكاب المزيد منها في المستقبل. ليس هذا وحسب بل يسهم أيضًا في اكتساب مهارات ومعلومات جديدة من الزملاء الأكثر خبرة.
روح الفريق تعزّز التآزر في مكان العمل: حيث أنّ الدعم المتبادل والأهداف المشتركة والتعاون والتشجيع المستمرّ كلّها تؤدي إلى تحقيق التآزر في مكان العمل، ومن خلال ذلك يصبح أفراد الفريق أكثر قدرة على الإنجاز وعلى تحمّل المسؤولية المشتركة. ممّا يرفع الأداء في العمل.
كما سبق أن ذكرنا، الوصول إلى مرحلة الفريق المتميّز ليس أمرًا سهلاً ولابدّ من بذل الكثير من الجهد لتحقيقها، لكن ما هي المهارات التي تحتاجها لتمتلك روح الفريق؟
إليك خمس نصائح أساسية يجب أن تأخذ بها لتطوّر روح الفريق لديك:
تقبّل النقد
تذكّر دائمًا أنّه ما من إنسان كامل، ومن الطبيعي أن يتمّ توجيه بعض الملاحظات إليك إمّا من قبل مديرك أو أحد زملائك، لذا استمع لهذه الملاحظات وتقبّل النقد بصدر رحب واحرص على جعله سببًا لتحسّن من نفسك وتطورها بدلاً من السماح له بإحباطك وإرجاعك للوراء.
عالج غرورك
فالفريق الناجح يتميّز أعضاؤه بالتواضع وتقديم المصالح الجماعية على المصالح الشخصية. ومن الجدير بالذكر أنّ هناك خطّا رفيعًا يفصل ما بين الثقة بالنفس والغرور… الأولى ضرورية لنجاح الفريق بينما تؤدّي الثانية إلى تدميره!
لا مكان للعواطف
يتطلّب العمل ضمن الفريق التعامل مع جميع أفراده باحترام ومهنية بغضّ النظر عمّا إذا كنت تتفق معهم أم لا. لذا احرص على وضع عواطفك الخاصّة جانبًا وحافظ على مستوى من الاحترام بينك وبينهم. ضع دائمًا الهدف الجماعي نصب عينيك وتجاهل الأهداف الشخصية.
الشخص المناسب في المكان المناسب
ما يميّز الفريق الناجح هو أنّ لكلّ فرد فيه دور محدّد وكلّ شخص يتميّز بمهارات معيّنة، لذا قم بدورك على أكمل وجه، واعتمد على زملائك الآخرين في أداء المهامّ التي لا تبرع فيها. لا تعتقد أنكّ الوحيد القادر على القيام بكلّ شيء.
كن مستمعًا جيّدًا
مرّة أخرى ضع مصالحك الشخصية جانبًا وركّز على مصلحة الفريق العامة، استمع لآراء بقية أفراد الفريق، فالاستماع يُشعرهم بقيمتهم، ويتيح فرصًا للتعلّم منهم ويقلّل من احتمالية حدوث أيّ سوء تفاهم. وتذكّر دومًا، أنت لست وحدك بل ضمن فريق!